وسط حالة من الترقب
اليمن.."جمعة الزحف" نحو قصر الرئاسة
اشتبك أفراد من الحرس الرئاسي الموالي للرئيس اليمني علي عبد الله صالح يوم الخميس 24-3-2011، مع وحدات من الجيش تدعم جماعات المعارضة، ومحتجين يطالبون برحيله في بلدة المكلا في إطار التوترات المتزايدة في البلاد.
وقال مصدر حكومي، إن الاشتباكات أسفرت عن إصابة عقيد لم يتضح إلى أي طرف ينتمي. وبانتظار ما أسمته المعارضة بـ"جمعة الزحف" الموعودة يوم الجمعة 25 مارس الجاري، أعلنت كل من ألمانيا وبريطانيا، سحب عدد من موظفي بعثتيهما الدبلوماسيتين غير الرئيسيين ، وذلك جرّاء الأوضاع المتفاقمة، واستمرار حالة الجذب والنزاع بين الرئيس اليمني علي عبدالله صالح والمعارضة التي لم تعد تكتفي بالمطالبة برحيله.
القلق من الفراغ
وجاءت هذه التوترات بعد انضمام عدد من قادة الجيش والدبلوماسيين وزعماء القبائل، إلى جانب المحتجين المطالبين بالديمقراطية الذين يعتصمون في العاصمة صنعاء منذ نحو ستة أسابيع.
وكان الجيش والحرس الرئاسي - وهو قوة يقودها أحمد ابن الرئيس صالح- قد اشتبكا في وقت سابق من الأسبوع الجاري، في المكلا الساحلية الواقعة بمحافظة حضرموت، ما أسفر عن سقوط قتيل من كل جانب.
وما زالت الدول الغربية ودول عربية، تشعر بالقلق إزاء وجود فراغ في السلطة، في حالة تنحي صالح، بحجة تشجيع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
وقال وزير الدفاع الأميركي روبرت جيتس يوم الخميس "كانت تربطنا علاقات عمل جيدة بالرئيس صالح. وهو حليف مهم في مجال مكافحة الإرهاب... وأعتقد أننا سنستمر في مراقبة الوضع. ولكننا لم نقم بالتخطيط بأي شكل لما بعد صالح".
ودعت مجموعة تنضوي تحت لوائها منظمات للمجتمع المدني، إلى تشكيل مجلس انتقالي من تسع شخصيات، تكون غير متورطة في فساد "النظام القديم" لصياغة دستور جديد، خلال فترة ستة أشهر قبل الانتخابات.
لكن الاقتراح الذي قدمته المجموعة التي يطلق عليها الكتلة المدنية، لم يتطرق إلى مصير صالح بعد ذلك.
وقالت أحزاب معارضة الخميس، إنها ملّت من التنازلات التي تأتي بشكل متقطع. وقال محمد صبري وهو متحدث باسم المعارضة إن هذا الحديث يهدف إلى تعطيل الإعلان عن موت النظام. وأضاف أن المعارضة لا تحتاج إلى تقديم رد.
المشهد اليومي
وعلى المستوى الميداني، انفجرت قنبلة، مستهدفة دورية للشرطة ما أسفر عن مقتل شخص في مدينة عدن. في حين قالت جماعات معارضة إن محافظ كل من الجوف وصعدة اللذين عينهما صالح استقالا.
وزادت مواقف المحتجين الذين يعتصمون بالآلاف خارج جامعة صنعاء، منذ نحو ستة أسابيع حدة تجاه صالح فرفضوا بقاءه، وهم يعتزمون الزحف إلى القصر الرئاسي يوم الجمعة 24 مارس، وهو ما يمكن أن يجتذب مئات الآلاف. وتجمع نحو عشرة آلاف شخص صباح يوم الخميس.
وقال تقرير المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات "هناك خطر أن يحل محل النظام الحالي نظام آخر يشترك معه في العديد من العوامل فتهيمن عليه النخبة القبلية من حاشد وإسلاميين ذوي نفوذ."
وذلك بعد أن وضع محتجون صورة اللواء محسن على خيامهم في مكان الاعتصام بصنعاء، لكن زعماء المعارضة ينظرون لدوافعه بريبة، ولا يريد كثيرون أن يكون له دور في أي حكومة انتقالية مستقبلية.
لكن اللواء علي محسن الذي أرسل قواته لحماية المحتجين المطالبين بالديمقراطية في صنعاء، قال إن دور الجيش في البلدان العربية عفا عليه الزمن، وإن الناس سيقررون من سيحكمهم في إطار دولة مدنية حديثة.
وقال محسن لرويترز في رد مكتوب على أسئلة "أنا واحد من أبناء هذا الشعب خدمته لمدة 55 عاما ولم يعد لدي رغبة في أي سلطة أو منصب." وأضاف "أنا في السبعين من العمر ولم يبق لي من طموح سوى أن أقضي ما تبقى من عمري في سكينة واطمئنان وبعيدا عن مشاكل السياسة ومتطلبات الوظيفة.
افتعال أزمة
إلا أن مسؤولاً يمنيا اتهم أحزاب اللقاء المشترك بـ"افتعال" الأزمة السياسية الراهنة، وأكد في المقابل "حرص" الرئيس صالح، خلال مراحل الأزمة، على "بذل كل الجهود الممكنة، وتقديم المبادرات التي من شأنها حقن دماء اليمنيين وحماية مكتسباتهم."
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ نت"، عن المسؤول برئاسة الجمهورية، دون أن تفصح عن اسمه، قوله إن الرئيس "توجه إلى كل أطياف العمل السياسي بالمبادرات تلو المبادرات، التي من شأنها تجنيب اليمن المخاطر والمؤامرات التي تحدق به."
وتطرق المسؤول اليمني إلى المبادرة التي طرحها صالح أمام الاجتماع المشترك لمجلسي النواب والشورى، والتي تضمنت دعوته لاستئناف الحوار عبر اللجنة الرباعية، وتحقيق حزمة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
كما ألمح إلى قبول الرئيس اليمني بالنقاط الثماني المقدمة من العلماء، ثم "مبادرته الشجاعة"، أمام المؤتمر الوطني العام، والتي تهدف إلى "تطوير النظام السياسي، والانتقال إلى النظام البرلماني، وإقامة نظام الحكم المحلي على أساس الأقاليم."
وأوضح المسؤول اليمني، أن موافقة الرئيس صالح على هذه المبادرة جاءت استناداً إلى قواعد عدة ، أهمها تشكيل حكومة وفاق وطني، تكون مهمتها تشكيل لجنة وطنية لصياغة دستور جديد للبلاد، وصياغة قانون الانتخابات، والاستفتاء على أساس القائمة النسبية، وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء.
إحباط تهريب أسلحة
من جهة أخرى، أحبطت شرطة دبي محاولة تهريب شحنة أسلحة شخصية كانت في طريقها من تركيا إلى اليمن، شملت 16 ألف قطعة سلاح إلى اليمن تقدر قيمتها بـ16 مليون درهم.
وقال القائد العام لشرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان تميم، خلال مؤتمر صحافي الخميس، إنه تم إلقاء القبض على خمسة أشخاص من جنسيات عربية وآخر من الجنسية التركية.
وأوضحت الإدارة العامة لأمن الدولة، أن الشحنة المضبوطة عبارة عن مسدسات متنوعة الأشكال والأحجام ذات عيارات مختلفة، بالإضافة إلى مخازن طلقات إضافية للأسلحة المهربة ومعداتها، تمكن المهربون من تهريبها إلى دبي داخل حاوية قادمة بحراً من تركيا على أنها شحنة أثاث.
وكانت قد وردت معلومات إلى الإدارة العامة لأمن الدولة بالإمارات "تفيد بدخول شحنة من الأسلحة النارية إلى إمارة دبي، حيث تم على الفور القيام باللازم وتشكيل فريق عمل للبحث والتحري للتأكد من صحة المعلومات الواردة حول تلك الشحنة ومكان وجودها والأسلوب الذي تمكنت من خلاله التسلل إلى داخل البلاد."
وبعد التأكد من صحة المعلومات والتوصل إلى مكان وجود الشحنة التي أخفيت بأحد المستودعات في دبي، حيث وضعت أجهزة الأمن خطة لضبط الشحنة وكشف كافة عناصر الشبكة المتورطة في تهريبها.
وتبين أن المتورطين بعملية التهريب قاموا بإخفاء صناديق الأسلحة في وسط الحاوية، وتعمدوا إحاطتها بصناديق الأثاث للتمويه وتضليل الأجهزة الأمنية والرقابية عند منافذ العبور، ووفقاً لنتائج التحقيقات، فإن الأسلحة المضبوطة تم تصنيعها في أحد المصانع في تركيا.
إرهاصات الرحيل
ويبدو من تسلسل الأحداث المتسارعة في اليمن، أن أيام الرئيس صالح في السلطة أصبحت معدودة، سواء من خلال موافقته على التنحي الطوعي، أو بتنفيذ الجماهير تهديدها بالزحف إلى القصر رغم ما يحمله هذا الخيار من محاذير وأخطار .
وقد أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور عبد الله الفقيه، أن أوراق الرئيس تساقطت ورحيله بات وشيكا جداً، على غرار ما حدث لمبارك.
ويضيف الفقيه في حديثه للجزيرة نت "الحرس الجمهوري والأمن المركزي الذي يعتمد عليهما الرئيس لحمايته يعانيان من انشقاقات كبيرة مؤيدة للثورة، ودول الخليج تخلت عنه حين قالت إن ما يحدث في اليمن هو شأن داخلي، والمعارضة حسمت أمرها ولم تعد مقتنعة بالتفاوض، والشارع لن يقبل ببقاء صالح ولو لساعة واحدة، ولم يبق لصالح أي خيار سوى الرحيل".
وفي سياق متصل، أشارت تقارير صحافية إلى أن الرئيس اليمني قام بترحيل عدد كبير من أفراد أسرته إلى السعودية، وأن الرسالة التي بعث بها الرئيس اليمني إلى الرياض مع وزير خارجيته كانت لتأمين خروج آمن له.
ونقلت وكالة "يو بي آي"، عن السفير اليمني في لبنان فيصل أمين أبو راس - الذي قدم استقالته بسبب الأحداث - أنه علم من مصادر، خاصة أن طائرة يمنية هبطت في قاعدة عسكرية بالرياض مساء الإثنين الماضي وهي تقل شخصيات هامة وعائلات.
وأفادت بعض المصادر الصحافية أيضاً، أن الرئيس صالح قام خلال اليومين الماضيين، بسحب مبالغ نقدية كبيرة من الاحتياطي النقدي للبنك المركزي على دفعات تمهيدًا لمصادرتها قبل رحيله.
وكان الرئيس علي عبدالله صالح، قد أعلن حالة الطوارئ في البلاد الجمعة، بعد الصدامات الدموية بين قوات الأمن ومئات المحتجين، في العاصمة صنعاء، والتي أسفرت عن مصرع ما لا يقل عن 55 شخصاً.
وتشهد العاصمة اليمنية احتجاجات شعبية شبه منتظمة، مناهضة للرئيس صالح، الذي يحكم البلاد منذ عام 1978، والذي كان قد تعهد مطلع فبراير الفائت، بعدم الترشح لولاية جديدة.
وجاء قرار البرلمان اليمني بفرض حالة الطوارئ قبل يومين من "جمعة الزحف" على القصر الجمهوري في صنعاء، وهي الدعوة التي أطلقها الناطق الرسمي باسم أحزاب اللقاء المشترك، محمد قحطان.
وكان الرئيس اليمني قد أرسل وفداً إلى السعودية للتوسط في الأزمة التي تشهدها اليمن حالياً، خصوصاً بعد إعلان العديد من قادة الجيش انضمامهم للثورة الشبابية السلمية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق